ماذا تعلمت؟

أهلا بك!

نحن نسعى لكي نتعلم كل يوم، وسبب ذلك هو رغبتنا في تطوير حياتنا للأفضل، ولا حدّ للأفضل، فالنضج والتطور يستمران طوال حياتنا.

سنتحدث اليوم عن زاويتين فيما يخص “ماذا تعلمت؟”. لنعرف قبلها أن كل ما يحصل لنا هو خير علمنا أم لم نعلم. فأقدار الله بها كل الخير وسنتحدث في تدوينة قادمة عن “لعله خير”. في نفس الوقت الله يحب الذين يعلمون وأصحاب الألباب الذين يتفكرون في حياتهم فلا تمضي عليهم كما تمضي حياة الآخرين، فدعونا نتعلم كيف نتعلم مما نمر به في حياتنا والحمدلله على كل ما قضاه لنا ونسأله أن يكون كله خير.

note-taking

الزاوية الأولى:

نمر بمواقف كثيرة في حياتنا، ويسوق الله لنا أقدارا عظيمة هدفها تقويتنا وتنقية قلوبنا ومعالجتها، ولكي لا نفوّت هذه الفرص علينا يجب علينا أن ننتبه على أمر هام هو ماذا تعلمنا؟

عندما يمر عليك موقف لم تحصل به على ما تريد أو لم تحقق ما تريد أو لم تجد ما توقعت، قف قليلا، واسأل نفسك بعد أن تخبرها “لعله هو الخير”: ماذا تعلمت؟ إسأل نفسك بالأمور الكبيرة والأمور اليومية الصغيرة. ولو كنت تريد الفائدة الكبيرة فاكتب كتابة على ورقة ماذا تعلمت. في بعض الأحيان نمر ببعض المواقف ونكتشف أن هذا الأمر أو ذاك يكاد لا يفلح ونكتشف أن السبب أنا نسينا أن نتوكل على الله ونحاول ونحاول الاستعانة بأنفسنا فقط!! الوعي بالأمور حولنا يحل لنا الكثير من مشاكلنا.

مثال بسيط جدا، عادي، لكن لإيصال فكرة الوعي بالتعلم من التجارب: حتى لو كان الأمر متعلق بأنك طلبت ساندويشه من مطعم ووجدتها باردة جدا عندما وصلت للمنزل أو عندما ابتعدت عن المطعم. اسأل نفسك ماذا تعلمت؟ كيف أتفادى قدر المستطاع أن لا يحصل ذلك مرة أخرى؟ مثلا في مثالنا، أن أتأكد أن الطعام ساخن قبل مغادرة المطعم!

ولو لاحظنا بالنسبة للأمور الصغيرة أن أبسط الأمور اليومية التي قد تجعلنا نتوتر هي لأننا لم ننتبه ولم نتعلم من الأخطاء أو التجارب التي مررنا بها. لو فتحنا أذهاننا ووعينا لتفادينا الكثير من الأمور المزعجة ولو كانت صغيرة. الذكي هو من يتعلم من موقف حصل له ويتفادى الوقوع فيه مرة أخرى. واستعن بالله يقويك.

في البداية ستحتاج التركيز في تذكير نفسك بهذا السؤال؛ ماذا تعلمت. بعد فترة مع الوقت ستتعود وسيكون هذا السؤال بديهي جدا يأتيك، وسيجعلك تشعر وتنظر للأخطاء نظرة أخرى، أنك تعلمت من هذا الأمر أو ذاك، فلا تراه خطئا أو خسارة، وهذا بحد ذاته أروع ما في الأمر. وأنوه هنا بنقطة هامة، أن هذا الأمر متعلق بأمور الدنيا كحياتنا اليومية وما يتعلق بتحقيق أهدافنا، أما حق الله فهو مختلف، لأن أي ذنب أو معصية فعلها العبد ولم يندم أنه عصى الله وهو يراه، لن يجعله ذلك يتوب إلى الله توبة صادقة، فمن الواجب هنا لوم الذات عند الخطأ لأن بالنهاية الخسارة للعبد نفسه لو عصى الله في شيء، فالله غني عنا ومع ذلك فهو يتوب علينا لو تبنا، فوجب التنويه عن الفرق.

 

أما الزاوية الأخرى:

الكثير من الأشخاص عندما يحضرون بعض البرامج أو المحاضرات التدريبية أو عندما يقرأون كتابا، يرون أنهم لم يستفيدوا شيئاً إما لأن البرنامج حقا ضعيف لا توجد قيمة فيه، أو أن البرنامج يقدم قيمة أقل مما يعرفونه في هذا المجال، أو لأنهم لم يستفيدوا عدد معين من المعلومات وضعوه في بالهم عند بداية الحضور أو اقتناء الكتاب.

أولا، نعم هناك بعض البرامج التدريبية أو الكتب التي تستطيع أن تقول أن القيمة التي يقدمها أو تقدمها عبارة عن صفر أو حتى تحت الصفر، لكن الذي تعلمته هنا أن لا تحضر لنفس المحاضر، أو الشركة، أو الكاتب. تتعلم من هذا الخطأ. فلا تكرر نفس هذه التجربة ومن ثم تصاب بالاحباط مرة أخرى وأن هناك من غشك أو أضاع وقتك أو مالك. كونك تعلمت أن هذا الشخص أو المكان أو الموضوع لا يفيدك هذه بحد ذاتها فائدة ولو كانت التجربة غير سارة لكنك “خرجت” بفائدة، وبقي عليك أن لا تكررها وإلا ستكون “حقا” لم تستفد شيئا.

ثانيا، بعض البشر يكون لديهم معرفة في مجال معين، ويروا كتاب أو محاضرة أو دورة عن نفس المجال، لكن لا يروا هي موجهة لمن هل هي مقدمة أو عميقة أم ماذا؟ ويحضروا أو يقتنوا الكتاب، ومن ثم يكتشفوا أنهم لم يتعلموا شيئا. الحريص على أن يتعلم حقا يجب أن يبحث قبل أن يتخذ قرارا بالالتحاق بدورة. يسأل المحاضر أو المنظم عن محتوى الدورة وهي موجهة لمن. نعم بعضهم لا يقولون الحقيقة لأنهم يريدوا الحصول على متدربين ومشتركين فقط، لكن ابذل جهدك وما عليك لتعرف مستوى معرفتك ومستوى ما تريد أن تقبل عليه، لترى هل مجدي؟ أم أني أحتاج لشيء متقدم لأرفع مستواي في هذا المجال؟

وإن حصل وحضرت دورة أو قرأت كتاب أقل من مستوى معرفتك، لا تقلق، فقط تعلم من التجربة، ولاحظ أنها قد تكون أرجعت لك بعض المعلومات القديمة او أنعشت وربطت بين عدة معلومات أو أعطتك زوايا جديدة للأمور. وبالمناسبة من الرائع أن يكون الشخص يعلم أن هذا موجه لمستوى معين من العارفين لكنه يحضر لينعش علمه أو يتعرف على نواحي جديدة أو أشخاص مهتمين في مجال معين. فالمهم هنا أن تعرف نفسك ومستواك قدر المستطاع، وتعرف هدفك ورغبتك حتى لا تقول “لم أستفد شيئا” فأنت حتما استفدت.

ثالثا، لا يوجد قانون معين يقول: لو حضرت دورة عبارة عن 4 ساعات، يجب أن تتعلم 51516461 معلومة وذلك حسب عدد الدقائق وسرعة حديث المدرب!!! لا أبدا. كلمة واحدة قد تسمعها بدورة طويلة لمدة 5 أيام مثلا، قد تقلب حياتك من زاوية لزاوية أخرى أجمل وأفضل وأكثر سعادة. الأمر متعلق بجودة ما تتعلم وليس بالعدد. لو كان بالعدد لأصبحنا كلنا بعد الجامعة علماء في الكون!! كم معلومة تعلمناها؟ كم بقي في أذهاننا وكم طوته السنين؟ ركز على ماذا تتعلم وليس كم تعلمت. هذه الفكرة أو هذا التفكير يجعلك تشعر بالنضج فيبعد عنك توتر حساب عدد المعلومات، فذلك تفكير مادي بحت لا يفيدنا.

تذكر، في كلا الزاويتين، نحن نسعى للوعي بذاوتنا لنعرف ماذا تعلمنا وأن نحرص حقيقة أن نتعلم مما نمر به في حياتنا.

استعن بالله، وادعوه باسمه الحكيم أن يزدك حكمة. وباسمه الفتاح أن يفتح عليك. وباسمه الهادي أن يهديك لما تحتاج. وباسمه البصير أن يبصرك في ما ينفعك. وباسمه العليم أن يعلمك ما ينفعك وينفع بك. ما أروع الاستعانة بالله في العلم والتعلم وفي الحياة، تشعر أنك حقا تتعلم ما يفيدك، وأنك تركز، وتبتعد عن التشتيت والضياع في التعليم.

من يخبرنا، كيف تتعلم مما يحصل له في حياته؟ هل تكتب؟

ماذا لو حضرت أو قرأت ما ترى أنك لم تتعلم أو تستفد منه، كيف تتعلم من هذه التجربة؟

فكرتين عن“ماذا تعلمت؟”

  1. السلام عليكم
    أختي مي موضوعك ذكرني بتجربة مررت بها منذ يومين سأحاول اختصارها في بضعة أسطر وماذا تعلمت منها أيضا.
    لدي مدونة حاولت تغيير قالبها في أول تجربة لي لخدمات خمسات، فعرض علي أحدهم قالبا احترافيا بمقابل مادي وأعطيته بدوري عرضا أفضل، أحصل على القالب وأزيد له في الأجر مقابل تعديلات أخرى على القالب، طلب مني إسم دخول حسابي على بلوجر وكلمة المرور (الذي هو نفس الحساب على الجيميل) ليقوم بالتعديلات على قالب المدونة مباشرة، وثقت به وأعطيته ما طلب الذي حدث أنه استغل الفرصة وقام باختراق ثلاثة حسابات أخرى لي، اكتشفت الأمر… الجيد فيه أنه لم يقم بتغيير أو مس أي شيء فيها، وإنني تمكنت من استرجاع جميع حساباتي.أحدهم شاركني التجربة، وحاولنا تدارك الوضع معا وأتذكر أن آخر نصيحة وجهتها إلي كانت: أرجو أن تكوني قد تعلمت الدرس “لا تثقي في أحد لا تعرفينه معرفة جيدة أبدا،لا أريد أن أجعلك شكاكة في الجميع،ولكن الحيطة والحذر واجبين”
    شيء آخر تعلمته:”لا تسلم الجرة في كل مرة” وأيضا :”لا يستغل جميع الناس الفرص بطريق سليمة” وأيضا “الناس معادن حتى في الأنترنت”
    أخيرا أقول أحيانا نضطر لوضع ثقتنا بشخص غريب وأملنا أن لا بخون تلك الثقة فمنهم من لا يخيّب أملك به، لأن في هذه الحياة أشخاص رائعون مستعدون ليقفوا بجانبك حتى وإن لم تطلب منهم ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *