تحدثنا مرة عن “سبب الفوضى العقلية” وبينا كيف أن الترتيب أو غير ذلك مؤثر حقيقة على نفسيتك وتركيزك وحياتك بشكل عام.
دعنا نتحدث اليوم عن التخفيف. كثرة الأفكار والأغراض في عقلنا أو أمامنا أو حتى خلف الأدراج، تسبب كثرة وزحمة في العقل. وهذه الزحمة أضف عليها ضغوظ الحياة اليومية العادية من تجارب سيئة في دوائر حكومية، في العمل أحيانا، زحمة المرور، مسؤوليات… وغيرها، ماذا يحصل؟ هرمون الضغط “يرقص” فينا!!! لا أحد يحتاج لأي أمر زائد يتعبه أو يرهق كاهله، صح؟ كلنا! بغض النظر عن جداولنا اليومية. لكن مع ذلك، نحن نجلب ذلك لنا !!!
كيف؟
السعي والاهتمام بكثرة “شراء” الأشياء، ومتابعتها، والخوف من أن تفوتك أو أن لا تكون مثل الآخرين تملكها، هو ما يتعبك ويضع وزنا ثقيلا، وأقول “همّا” على عقلك ورأسك. خفف. أولا ابدأ بالتخفيف في منزلك كما تحدثنا بالموضوع السابق وإن لم تقرأه أنصحك بقراءته. واحرص أن تكون المساحات أمامك فارغة من الأشياء، أسطح الطاولات أو التسريحة أو الأدراج. هذا بحق ذاته سيعطيك نفسا عميقا وراحة يجب أن تجربها أنت. جربها. يا إلهي لا أدري كيف كنت أعيش في السابق؟ لا أرمي الأشياء بسهولة!!! كل شيء أحتفظ به لأني “قد” أحتاجه!! واستمر ذلك سنوات، لكن الحمدلله منذ سنوات سابقة تغيرت نظرتي للحياة من هذه الناحية وصرت أخف وأسعد بشكل كبير، مع العلم أني معروفة بين أهلي بالترتيب “المذهل” 🙂
فترتيب + خفّة = واو
خفف على ذهنك. اطرد عنه الأفكار التي لا تفيدك وترهقك فقط!! كن واعيا ولاحظ، واطرد، اطرد، اطرد. صحيح أنك ستطرد كثيرا لكن بعد فترة ستتعود أن تفرغ تفكيرك مما لا ينفعك. اطرد رغبتك في الجدال أو النقاش العقيم. رغبتك في معرفة “سوالف” والله ما تنفعك، قالت وقال وحطت وراحت. اطرد عنك رغبتك في متابعة الجديد من قطع أثاث مثلا مع العلم أن لا حاجة لك بجديد. التسوق “فقط” لتبحث عن شيء “قد” تحتاجه!!! لا، خفف خفف خفف. ريّح نفسك. كفى تعبا وإرهاقا لعقولنا ونفوسنا وقلوبنا وأرواحنا. كفى ويكفي. لقد أتعبنا أنفسنا بما يكفي. خفف عنك كل ما ترى أن لا داعي له، بالضبط كأن لديك مساحة مخزن ولا يوجد لديك غيرها، وهناك بعض الأشياء التي يجب أن تتخلى عنها بسبب صغر هذا المخزن. لا تخف من التخلي عن الأشياء. لا تخف. قد تشعر بعدم الرغبة في ذلك في البداية، طبيعي، لأن العقل استمر سنوات يقوم بالتجميع والتخزين والبحث والأهم “الشراء” سواء كان الشراء طعاما، شرابا، أثاث، ملابس، أشياء أخرى لا أعرف تصنيفها. بعد فترة بسيطة سيتعود العقل ويقول: أوه الأمر ليس صعبا ولم ينقص مني شيء، بل شعرت بالسعادة والراحة والاسترخاء!! ياه، هيا لأبحث عن أمور أخرى لا أحتاجها لأني أريد المزيد من هذا الشعور الرائع.
قد يأتيك صوت أكثر خوفا من التخلي غن الأشياء، أو من طرد الأفكار. للأشياء سيخبرك “حسنا حسنا، ارمه الآن، وغدا تحتاجه ولا تجده فتندم” أخرسه وقل له لي سنوات أو سنة لم أستخدمه وعدم وجوده لن يجعلني أموت ولو حصل وأردته مستقبلا، يرزقني إياه الله. والصوت الآخر للأفكار، وهو الأصعب تحكما لكنه أهم، والله أهم يا صديق، نحن من نجلب كل الهم والحزن والكآبة لأنفسنا بأنفسنا، فنحن نتخيل أسوء السيناريوهات والقصص الخرافية من عقولنا، ونتصور أن الآخرين لا يحبونا ويرغبون في أن يقهروا قلوبنا، أو يأذونا، وهلمّ جرا مما لا يسعد. اطرد واستعذ بالله من الشيطان. لأن ذلك الصوت سيخبرك: لا لحظة لحظة يجب أن تعرف أو تسمع أو تفكر أو .. حسب الموضوع. اطرد. اطرد. اطرد. اطرد. سأكررها لتملّ منها فتلصق في ذهنك. لأني لا أجلس في مكتبي هنا وأفكر في موضوع أكتبه إلا لأني حقا وحقيقة أريد لك الخير والسعادة، فلو احتفظت بها لنفسي لن تكتمل سعادتي.
اطرد.
تعلمت كلمة من أختي، رائعة، قالتها لي مرة لأمر لا أذكره كنت قلقة بشأنه. قالت، باللهجة الكويتية وطبعا لا أستطيع كتابة النبرة، لكنها معبرة، كأنها تقول اتركي عنك ذلك. قال: يا معووودة. ومازلت أستخدمها. قبل فترة أظن أكثر من سنتين أو ممكن ثلاث. لا يهم. المهم أني أستخدمها كثيرا، فشكرا أختي العزيزة أسماء.
استعن بالله يعنك في ذلك، واسأله باسمه الواسع يوسع على صدرك وقلبك. وخفف عنك وتذكر الأمر كله متعلق براحتك، ولو جربت التخفيف ستتعلق به وسترى الحياة من ناحية أخرى أجمل و “أخف” وأروع.
ملاحظة: لو كنت ترغب في التخلي عن بعض الملابس للمحتاجين، ذكر نفسك أن الله يحب أن نعطي ما نحب نحن. فأعط شيئا تحبه أنت لتربي نفسك على الرقي لما يحبه الله، وستجد شعورا مذهلا في قلبك، على الرغم من بعض الصعوبة في بعض الأحيان للتخلي عما نحب. يعني أعط شيئا جديدا أو مازلت تستخدمه مثلا. وأنت وإبداعك.
أخبرني، ما هي تجاربك مع التخفيف؟ كيف تخفف عن نفسك وعن حياتك ما لا يفيدك؟
كلام سليم،،
فعلا نحن من نحمل أنفسنا فوق طاقتها وما لا تستطيع تحمله،
وما نعيش به من توتر وقلق إنما هو من صنع أيدينا،
أضم صوتى لصوتك و أكرر معك كلمتك اطرد اطرد اطرد …
موضوع قيم جزاكم الله خيراً ونفع بكم 🙂
موضوع مهم جداً جداً، يتعلق بطاقه المكان ويعجبني كثيرا طريقه ربطكم لهذا العلم بأسماء الله الحسنى.
وشخصيا عندما اشعر بقلق أو تشويش ذهني لأمر ما أقوم بترتيب خزانه ملابسي أو أي درج من ادراجي او مكتبتي .
جزاكم الله خيرا
فعلا والله الواحد المفروض يرتب أفكاره حسب الأولوية , ربنا يقدرنا علي فعل ذلك 🙂
موضوع مهم جداً جداً، يتعلق بطاقه المكان ويعجبني كثيرا طريقه ربطكم لهذا العلم بأسماء الله الحسنى.